الخميس، 24 فبراير 2011

حَنْجرة مَشروخَة

.

.
.



أ لِأنَّنِيْ ظَنَنْتُك جُرحاً غائراً في جسدي كُنتَ تَنوي قَتلي ؟ أ لِأنَّنِيْ شَككتُ بكَ حُزناً مُفاجئاً استوليتَ على قلبي ؟ أ لِأنَّنِيْ نظرت إليكْ فشعرتُ أنَّك حُلماً مُباغتاً / مُوجعاً / مُراوِغاً كذلك ، ها أنتَ تَؤول إليْ ؟ سُحقاً لكل شَيء وأهْمهم ذاك الهَوى الذي استْكان فِي جوفِي وضَاجع قلبي ! حتى وإنْ كُنتَ يا سيدي ما بين الماضي والحاضر ، حتى وإنْ كنت قابع في أقْصى نُقطة فِي مُسْتقبلي وأدنْاهم فِي مَاضيِّيْ ! إلا أنَّك قَدرٌ مَوشُوم داخلي ، لا تَبديل لَـه !

سَيدي ، قِيلَ ذات يَوم - إنْ تأتي مُتأخراً ، أفْضل مِن أن لا تأتِي أبداً - ، لا شَيء يغدو جَميلاً بعد أنْ يَفوتُ أوانه ، فلا العزف على تلك القيثارة يُفيد ، ولا قُبلة سُنِّ الرُشد ، ولا حَتى جُنون مُراهقة يعترينا ، ولا سُطورٌ مِن حُروف اعْتلتْ عُروش الثَمالة ! وأنا أقُول اليوم لكْ - إنْ لم تأتي مُبكراً ، فمن الأفضل أن لا تأتِي أبداً - ، فأنا لم أعُد بحاجة إلى أرواح تَقمصت أدْوار الغياب ، ولا إلى شَخص مارسَ الوُلوج إلَى رحم السعادة في داخلي وبتره ، وتبديله بآخر مليء بالحُزن والجرح النتىء !

يَنْفلتُ القَلب فَيهمسُ بخفَّة صبراً ثمَّ صابر ، ويُقبِّلُني حتى لا انْحرف عَن مَساريْ ، جَلْ مَا كُنتَ تتمَناه أنْ يَموتَ هذا القلب الذي نبض لأجْلك ، وأقل ما أتمناه أن تَنْفك الذاكرة مِن اسْتحضاره أمامِي ، لأغْدو ذاك الحاضر الغائب وليس عكسُه كما الآن ! يا ذاكرة كفاكِ شُحوباً وانتحاباً ، كفاكِ سَواد صفحة ملييئة بهْ ، كفاكِ طُغياناً نكث عهده و رَحل .

لم أذْكرني ؟ مَا الجَدوى مِن ذكر شخص من عداد المَوتى ؟ قيل ذات يَوم - إكْرامُ الميت دفنه - ، فبربك كفاكَ شنقاً لما اكتب ، وكفاكَ غُروراً لما أهُديه لك ، وكفاكَ تمزيقاً وتنكييلاً لقلب لا يَخلو من الحَسد ! راحلة إلى البعيد حيث لا أحْمل سِوى حقيبة مِن مَجهول يتربصُ بي ، وطعناتٌ تنتظرني وأزِّقَة ضيقة تنتظر وُصولي وبلهفة .

قررتُ ذات يوم وقُلت ( والله لن أبْكي مُجدداً عَلى أيامِ مُخادعَة ، والله لن أشْكي النَدامة ، واللهْ لن أصَادقْ ذاك الطعم المُر العلقمي ، والله لن أتحدث عَن جُرمٌ ارْتكبته مراراً في الماضي ، والله لنْ أندم عَلى كِبرياءِ زَهدتُ به ورضختُ تحت أقدام الجُوع بكْ ) ! لكن سُحقاً لي ، لأنِّي ما التزمتُ بما قررتُه !!

ثَائرةٌ أنا اليَوم ، مُتمردٌ قلمي ، خسرتُ كُلَّ شَيء والأهم كانت نفسي وتلاها قلمي ، كلانا يتحدث من حنجرة مَشروخة ، ولكن حْنجرتي كان لشرخها مَجرى الأيام المُدَّعية ابتسامة سُخرية في سَبيل اقْتناص ابتسامة أخْرى من الحياة ، كلانا ابْتز الألم ولكنَّ الفرق بين ابتزازي وابتزازكْ ، هو أنِّي وقفتُ في المُنعطف / المُنتصف رغم أنَّي لا أمْلكُ مِن القوة ما يكفي لأظلَّ واقفة / شامخَة ، مُدَّعية ( الأمان ) ؛ للبَحث عن ضالتي المَنشودة ، وأنتْ كُنتَ هُنااااك حيثُ البعيد ، حيث كُنتَ تُمشِّط ابتساماتي ، حيثْ كُنتَ تَبيع مُنتجاتْ يتوافدون عليها ليمارسون الخُذلان بها ، ولأنَّك أذى عليهم ، يَجب أنْ يتم إماطتك ابتعاداً عن الأذى !

كُنت هُنا الأصدق بكل شَيء ، إذَا وَجَدْتَ الله .. مَاذَا فَقَدْت ؟ وَ إذَا فَقَدْت الله .. مَاذَا وَجَدْت ؟ ، فقيرةٌ بكَ يا رجل ، مُتسولة إليكَ يا قلب ولكنِّي غنيةٌ بكَ يا الله ، مهما كان الجميع مُتحالفاً معك ضدي ، ومهما تَعاون الجُرح والألم ليمضغوني بين أسنانِ نَخرها سُوس الكَذب ، ولكنِّي الوَحيدة التي تلبَّست الطُهر فَوق الدَنس !

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق