الاثنين، 7 مارس 2011

إلَى رَجُلِ الصُدَفْ

إلَى حَمَد مع ألف تحية وحُب مقضوم مِن الأسفْل :

نَعم أنا الطِفْلة الشَقية التِي كانتْ تُداعبْ عشقكْ ، أنا تلكَ التِي أحبَّت حُبكْ ، نعم أنا تلك التِي أحبَّتك بجنون ، بكلِّ حالاتِكْ ، جُنونكْ ، شقاوتكْ ، غضبكَ ، صُراخكْ وحتى ذاك الفَرحْ المُتقنْ بمليارِ غُصةْ ، وأنا مثلها تلك التِي عشقتْ بُكاءكَ حينَ كُنتَ طفلاً .

اعْترف هُنا أمامَ جميعْ الشُخوص بأنِّي كُنتُ أستبيح الأشْواق بينَ أحضانْ الأكاذيبْ ، فالأمَل لَدي لا زالَ مُتعلقْ بظهر النَهار ، و طِفْلُ الحُب في جَسدي لا زالَ يُسببْ ضَجيج بكل الزوايَا عند كُلِّ ليلْ ، فالحُزن كانَ كأفْعى تلتف حَول سَعادتي وتقضُمْكَ يا حمدْ وتتركُني مَوجوعَة / مَخذولة ، فلا جَمراً يُخففْ لوعَة صَقيع الشَهقة الأخيرة ، ولا حَتى مُنبهاً أضعُه قبل نَومي ليُضاجِعُ ألف حكايَة بسرطنَة الحُطامْ في داخليْ .

مُنهكةُ جداً يا رجلْ ، و عَاجزةٌ كذلكْ ، لَم أعُد أسْتطيع أنْ أنْفث الطُفولة مِن ملاذ رجلٍ آخْر ، لكنِّي ما زلتُ ألتمس شفاهي التِي ترتجفْ عِندما ترى عيناكْ ، حينَ قررتُ الإبْحار فوقَ بحار قلبكْ ، قررتَ أنتَ الرحيلْ ! وقررتُ أنا الالتفاف حول نفسي و الانزواء حَول القدر !

عَلمني غيابكَ الكثير ، علمني أنْ أقْسو على نَفسي ، علمني أنْ أتسلق الأمنيات الشاهقة لألتقط من أشجارها علقماً وأتناولهُ بيديْ ! علمني فراقكْ أن أتَمنى مَوت الحُب القاتل ، وأعيش لأكُرر ( فَلْ يحيا الجفاء المَحشور بين شفاهكْ ) ، علمتني يا حَمْد أنْ أسرق الابتسامة لأضْعها مُصطنَعة ومُكلَّفة على شفاهٍ حَالَ عليهَا القدرْ ، علمتني يا صَبيْ كُل ما فاضَ فرحي اشتَّد حُزني ، وكُلَّما اجْتاحتني رغبة البُكاء ازدادتْ رغْبتي للصَمتْ ، عَلمتني يا مُحب أنْ أسْقط بغفلة مِن النَصيب ليلتقطني القدر ويضعني بين أحضانْ من نَعشق في وقتْ اخْترنا فيه النسيانْ ليَكون صُندوق الحُب الغامضْ .

كُنتُ طِفْلةً حينها ! كُنتُ تلك التِي تصفعها بحجة التمثيل ، وتلك التِي تُقبِّلُها متى ما شِئت بِحُجة العَفو عند المِقدرة ، وكُنتُ تلكَ التائهَة التِي تَفُوحُ منها رائحة الذكرى النتئة ، وتلك الضائعة التِي تشتمْ الكآبة التِي يجلبها المَطر بعد رحيله ! سأحْكي لكَ قصتي في هذه الرسالةْ !

سأحْكي لكَ أنَّها أمْطرت بعيني تلك الليلةْ ، وبأنِّي لم أتمالكْ نفسي أكْثر ، وبأنَّي رُغم كبريائي وكرامتي يا رجل إلا أنَّ الحياة كانتْ تَشْحن قلبي من مَصدر قُوة البُكاء والانتحاب ، كُنتُ أرمِمْ كبريائي كُلَّما قَلَّمني الحُزن ، وبشَّرني الألمْ ، أتُصدق أنَّني عندما يَلُوكني الحُزن أبْقى في سريري مُلتحفة مِن أوَل نظرة عند أول صُدفة في شارعٍ قلتَ لي فيهْ - إذاً أنتِ طفلتي مُنذُ الآن - !

مُزدحمةُ بالمَشاعر هذا اليوم ، مُتضخمٌ قلبي وكادْ أنْ يقع مِن حافة القهْر ، اتخذتُ أشكالاً عديدة كما اتَخذ الحُزن خِمار استئصال الأورمة مِن رحْم الحَنينْ ، وكما اُقْتُلِعَ الشَوق مِن أوْردة الإحباط بعنف ، وحيدةٌ جداً ، مُتشردة بلا وطن ولا حتى منفى ولا أنتْ !

رغبتُ وبشدةْ أنْ اكتبْ أبْجدية تَخُصكَ وحدكْ ، أنْ اكتبْ قصة كلينا ، وأنْ أنسج روايات تُكنَّى بحمد فقطْ لا غيرهْ ، فما كتبتُ عنكَ سوى القليل خشيةً من الغيرة التِي قد تَجعلني أطمْح إلى المُستحيل ، شُكراً للأيام الجميلة والمُخادعة في آن واحدْ ، وكذلكْ أردتُ أنْ أشْكر الحياة التِي مَنحتني خيانتكْ مع نفسيْ والتِي لنْ أغفر لها مهما قدمت لي يا سيدي !

نَحرتُ الحُبَّ هُنا ، كانَ قُرباناً للصُدف التِي زهدتُ بها رُغم تلك العين التي تُغريني ! إذاً هل أجرمتْ ؟ فكلانا يحَمل حقائب الخيبات ويرتحل إلى مطار لا صوت هناك قد ينجينا ولا ذكرى قد تَجعلنا مَهدوري المَشاعر ! ونبقى نحنُ في المُنعطف ، فبقاؤنا يُؤلم ورحيلنا يؤلم ! ولا زالت الحياة تَجرفنا إلى المُستقبل !

نَشرتُ رحيق أبْجديتي هُنا .,
فَقد تَمر صُدفة كعابر سَبيل وتلتقطْ تُوتَ ما اكْتب وتتناوله صُدفة
كما التقينا صُدفة ! وتشعر بشهيتي عند تناولكَ إياه ! فرفقاً بي يا رجُل الصُدف
.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق